السبت، 16 أبريل 2016

أصول الفقه

علم أصول الفقه وفلسفه القانون الاسلاميه:
أصول الفقه وعلم أصول الفقه :
يجب التميز بين ( أصول الفقه ) بمعنى قواعد السلوك (العامة ، المجردة، الملزمة) التي مصدرها النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة ( المطلقة عن قيود الزمان والمكان، اى التي لا تخضع للتطور والتغير فيهما )،والتي لا يجوز فيها الاجتهاد أو التجديد، وبين العلم بهذه الأصول ( علم أصول الفقه ) بمعنى المعرفة الإنسانية (المحدودة ) بالزمان والمكان النسبية فيهما، والتي بالتالي تخضع للتطور والتغيير فيهما وبالتالي يجوز الاجتهاد فيها.ولما كانت المعرفة الإنسانية تتعدد بتعدد أساليبها وطرقها ( مناهج المعرفة ) فقد تعددت الاجتهادات فى علم أصول الفقه بتعدد المناهج المستخدمة فيه. ففي إطار أهل السنة هناك علم أصول الفقه الظاهري في كتاب “الإحكام في أصول الأحكام” لابن حزم. وهناك علم أصول الفقه الشافعي كما يتمثل في كتاب” الرسالة” للشافعي.. وخارج إطار أهل السنة هناك علم أصول الفقه الاعتزالي كما يتضح فى كتاب” المعتمد في أصول الفقه” لابو الحسين البصري.ولا يترتب على هذا إلغاء كل الاجتهادات السابقة في مجال علم أصول الفقه بل اتخاذ اجتهادات علماء أهل السنة نقطه بداية لا نقطه نهاية.
وعلم أصول الفقه فى الفكر الاسلامى يقابل فلسفة القانون فى الفلسفة الغربية،غير أن وجه الاختلاف ان الأول يستند إلى الحواس والعقل والوحي كوسائل للمعرفة بينما الأخيرة تكتفي بالحواس العقل وتستبعد الوحي كوسيلة للمعرفة.
المنهج الاصولى :
وبناء على تطبيق منهج المعرفة الاسلامى فان علم أصول الفقه يبحث فى كيفية تحديد المطلق ( وهو هنا قواعد السلوك العامة ، المجردة ،الملزمة ، التي مصدرها النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة ) للمحدود ( وهو هنا أساليب العمل اللازمة لحل المشاكل التي يواجهها الإنسان ) فهو يركز على ثالث خطوات المنهج ( العمل ) . أما المنهج الاصولى فيبحث فى أساليب وطرق هذا التحديد .
الأصول (المطلق ) والفروع (المحدود ):
ومعرفة طرق وأساليب تحديد المطلق للمحدود يقتضى معرفة مناط التمييز بين ما اسماه علماء أصول الفقه (الأصول ) التي تمثل المطلق و(الفروع ) التي تمثل المحدود . وهو ما يقتضى البحث فى فلسفة القانون ( تعريفه، نشأته، وظيفته ..) حيث نجد انه لا يمكن أن يوجد فرد بدون مجتمع ، ولا يمكن اى يوجد مجتمع بدون نظام ، والنظام هو مجموعة من قواعد السلوك العامة ( تخاطب الكافة ) ، الملزمة ( أمروه وناهيه ) المجردة لا تنصب على واقعة معينة زمانا ومكانا وأشخاصا ) تقوم على حراستها وضمان نفاذها ( ولو بالإكراه ) سلطه . ولا يمكن وجود نظام بدون مجموعة من القواعد لها ذات خصائص الأخرى ( عامة – مجردة – ملزمة ) إنما تتميز عن غيرها من القواعد انه لا يباح مخالفتها ، وعلة ذلك أنها الحل للتناقض بين وحدة المجتمع التي تتطلب وحده النظام ، وتعدد الناس فيه الذي يتطلب اختيار النظام الذي يرتضونه اى يتطلب تعدد النظم .
ويكون نظام الدولة إسلاميا إذا تضمنت قواعد النظام العامة فيه تلك القواعد والتي يشترط فيها (بالإضافة إلى ان تكون عامة مجردة ملزمة ) ان تكون يقينية الورود قطعية الدلالة.
قواعد التميز بين القواعد – الأصول والقواعد – الفروع :
يترتب على ما سبق ان مناط التميز بين قواعد النظام العام الاسلامى، والتي أطلق الأصوليون عليها اسم الأصول( والتي تمثل المطلق عن قيود الزمان والمكان غير الخاضع للتطور أو التغير ،والتي لا يجوز فيها الاجتهاد) ، وقواعد النظام الاسلامى الأخرى التي اسماها الأصوليون الفروع (والتي تمثل المحدود بالزمان والمكان النسبي فيهما والخاضع للتطور والتغير، والتي يجوز فيها الاجتهاد )أن الأولى مصدرها النصوص اليقينية الورود ( من عند الله تعالى او الرسول (ص)) قطعية الدلالة ( لا تحتمل التأويل) ، بينما الثانية مصدرها النصوص الظنية الورود والدلالة (والتي تمثل الفروع الالهيه: اى المحدود من حيث التفسير ، لا المحدود فى ذاته ) أو الاجتهاد ( والذي يمثل الفروع الانسانيه اى المحدود في ذاته ).
أولا فى القران الكريم :
أولا : من حيث الورود :القواعد التي مصدرها القران والسنة إما ان تكون يقينية أو ظنية الورود ( من عند الله تعالى أو الرسول )، والقران كله يقين الورود من الله تعالى لقوله تعالى ” انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون ” . وبالتالي يتحقق فيه كله أول شروط القواعد – الحدود اى الأصول ( المطلق ) وهو شرط يقينية الورود
ثانيا : من حيث الدلالة : ينقسم القران إلى محكم ومتشابه قال تعالى ” هو الذى انزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن ام الكتاب وأخر متشابهات ” ( آل عمران :7) والآيات المحكمة هي ذات الدلالة القائمة بذاتها و التي لا تحتمل التأويل .فهي وحدها التي يتحقق فيها ثانى شروط القواعد – الحدود اى شرط قطعية الدلالة .أما الآيات المتشابهة ذات دلاله قائمه بغيرها والتي تحتمل التأويل، وفى تأويلها اختلف المسلمون ويختلفون دون اثم، فمن أخطاء فهو مثوب مره ومن أصاب فهو مثوب مرتين،. وقد يرجع الاختلاف على معنيين ، وقد يرجع الاختلاف إلى المفاضلة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازى إلى أخر الأسباب المعروفة فى فقه القران ومثال ذلك الآية :”انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا ان يقتلوا او يصلبوا او تقطع ايديهم وأرجلهم من خلاف او ينفوا من الأرض ” قال البعض تفيد التوزيع، فمن قتل واخذ المال قتل وصلب، ومن قتل ولم يأخذ المال صلب، ومن اخذ المال ولم يقتل ينفى . وقال البعض تفيد التخيير فالحاكم المسلم مخير فى تطبيق العقوبة التى يراها مناسبة .والآيات المتشابهة ظنية الدلالة فهي مصدر للقواعد الفرعية اى ذات التفسير (المحدود ) زمانا ومكانا النسبي فيها وبالتالي يخضع للتطور والتغير فيهما.
ثانيا : فى السنة
أولا:من حيث الورود: تنقسم السنة إلى أحاديث يقينية الورود وأحاديث ظنية الورود وذلك من حيث ا/ إفراد الراوي ومشاركة غيره.ب/ عدالة الراوي.
ا/ من حيث إفراد الراوي او مشاركة غيره
تنقسم السنة من حيث أفراد الراوي او مشاركة غيره إلى :
المتواترة:وهى التي رواه جماعة عن جماعة مثلهم يستحيل فى كل طبقة تواطئهم على الكذب على الرسول وهى نوعان :
التواتر اللفظي : ما اتفق الرواة على كل لفظ من ألفاظه ، وهو أمر صعب لذا قال العلماء ما اتفقت ألفاظ الرواة على المعنى مثل قوله ” من كذب على معتمدا فيتنبأ مقعده من النار “.
التواتر المعنوي :ما اختلفت ألفاظ الرواة فيه ولكنها تتفق على قدر مشترك ويصح ان تروى ألفاظه بطريقه الآحاد حتى تبلغ الرواة حد التواتر كقوله ” إنما الأعمال بالنيات” .
والتواتر ثابت للسنة الفعلية في أداء فروض العبادات أما السنة القولية فيرى بعض العلماء ان التواتر غير موجود فى الأحاديث المروية ويرى آخرون انه موجود ولكن يضعون له ثلاثة شروط :
1/ ان تخرجه كتب الحديث جميعا.
2/ أن تتعدد طرق إخراجه كي لا يكون بعضه مكررا.
3/ أن يثبت التعدد فى كل طرق الإخراج فى أول الرواية ووسطها وأخرها.
الآحـــاد :وهى ما رواه عن الرسول عدد لا يبلغ حد التواتر
والاحاديث المتوترة يتحقق فيها أول شروط القواعد – الحدود التى تمثل الأصول او المطلق ( يقينية الورود ) أما أحاديث الآحاد فهي ظنية الورود بالتالي هي مصدر القواعد الفرعية اى ذات التفسير (المحدود) زمانا ومكانا والخاضع بالتالي للتطور والتغير فيهما . وأدلة ذلك عند الصحابة ( رض) كان ابوبكر لا يقبل إلا ما شهد اثنان بصحته ، وعائشة كانت لا تستوثق بالآحاد اذا علمت بمعارضته بما هو قوى منه .وعند الأئمة كان ابو حنيفه لا يقبل الآحاد الا اذا رواه جماعة عن جماعة او اتفق عليه فقهاء الأمصار ،وكان مالك يقبل المرسل فى الآحاد ما دام رجاله ثقات . أما عند الشافعي فكان القياس عنده ياتى بعد خبر الآحاد وينقل عن ابن حنبل اذا روينا عن رسول الله فى الحلال والحرم تسددنا فى الأسانيد . وإذا روينا عن النبي فى فضائل الأعمال وما لا يضع حكما ولا يرفعه تساهلنا فى الأسانيد ([5]).
ورغم وضع ابن حنبل لهذه القاعدة لا انه كان يقدم الآحاد على الاجتهاد .
ب/ من حيث عدالة الراوى :تنقسم ألسنه من حيث عدالة الراوى إلى أحاديث صحيحة وأخرى ضعيفة
الصحيح: هو ما اتصل سنده بنقل ضابط عدل عن مثله حتى ينتهى إلى الرسول (ص) ولا يكون شاذا ولا معللا بعله مانعة ([6])
الضعيف :وهو ما لم تجتمع فيه صفات الصحيح ولا صفات الحسن ، وقد سموه باعتبار الضعف فى المتن والسند وهو انواع منها : المرسل والمنطقع والمعضل .
والحديث الصحيح يقيم الورود وبالتالي يصلح كمصدر للقواعد الحدود اى الأصول (المطلق)
أما الحديث الضعيف فهو ظني الورود بالتالي لا يصلح إلا للقواعد الفروع اى ذات التفسير المحدود بالزمان والمكان النسبي فيهما .
ثانيا: من حيث الدلالة:كما تنقسم السنة من حيث الدلالة إلى قسمين:
1- قطعية الدلالة :ما يفيد ألفاظها الا معنى واحد نحو قول الرسول(ص) ” في خمسة من الابل شاه ”
2- ظنية الدلالة :اى ما اشتملت على لفظ يحتمل أكثر من معنى واحد نحو قوله ” لا نكاح الا بولي ” يحتمل النفي بمعنى الكمال فيكون الزواج هنا ناقص الكمال قد يكون النفي منصبا على الصحة فيكون الزواج باطل والاحاديث القطعية الدلالة هي التى تصلح كمصدر للقواعد – الحدود او الأصول التي تمثل ( المطلق ) عن قيود الزمان والمكان غير الخاضعة للتطور والتغير ولا يجوز فيها الاجتهاد . أما الأحاديث ظنية الدلالة فهي مصدر للقواعد الفروع اى ذات التفسير (المحدود ) زمانا ومكانا التطور المتغير فيهما
طرق تحديد الأصول المطلقة للفروع المحدودة ( المصادر التبعية ):
اما ما اسماه علماء أصول الفقه المصادر التبعية من قياس وإجماع وعرف واصطحاب وسد الذرائع .فهي مصدر للقواعد – الفروع. والمقصود بها هنا الفروع الاجتهادية لأنها تمثل المحدود بالزمان والمكان المتطور المتغير فيهما فى ذاته . اذ ان كل ما جاء من هذه المصادر هو اجتهاد انسانى لا تشريع الهي. وكل ما جاء من قواعد بناء عليه فهي اجتهادية، وكل اجتهاد ينسب إلى من اجتهد في وضعه، لا يحتج به على الإسلام ، بل الإسلام حجة عليه، فلا يحتج به علي المسلمين إلا إذا قبلوه وفى حدود ما يقبلون منه، فلا يكرهون عليه إذ يصبح حينها غير مشروع .
الحكمة و علم أصول الفقه :و علم أصول الفقه يمثل فلسفه القانون الاسلاميه،وهو على هذا الوجه أحد انماط الحكمة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق