السبت، 16 أبريل 2016

مواقف من علم الكلام في الفكر الإسلامي

مواقف من علم الكلام في الفكر الإسلامي:أ) موقف الرفض المطلق (التحريم):من ممثليه بعض متأخري الحنابلة والصوفية كالسيوطي” في كتابه (صون المنطق والكلام عن فن المنطق والكلام) والهواري في كتابه (ذم المنطق وأهله) ، كما استند بعضهم إلى تأويل خاطئ لبعض أقوال المنطقية من السلف في النهي عن الخوض في الكلام تحت اسم (التفويض).
تقويم: التفويض لا يعني السكوت عن العقائد الفاسدة، بل السكوت عن الخوض في مسائل العقيدة مادام الفهم الصحيح هو السائد، ودلالة صحة العقيدة العمل الصالح، وهو ما كان سائداً على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين رضي الله عنهم.
أما إذا كان هماك انحراف عن الفهم الصحيح لها فالمسلمون مكلفون بالعمل على تصحيح هذا الفهم ، وهو ما حدث في مرحلة متأخرة من تاريخ المسلمين عندما تصدى بعض السلف للفهم الفاسد للعقيدة ، يقول الحسن البصري “لم يكن أحد من السلف يذكر ذلك ولا يجادل فيه لأنهم كانوا على أمر واحد، وإنما أحدثنا الكلام فيه لما أحدث الناس من أنكره له فلما أحدث المحدثون في دينهم أحدث الله للمتمسكين بكتابه ما يطلبون به المحدثات ويحرزون من المهلكات”.(1)
كما يؤكد ذلك ما أورده ابن عبد البر (وأما الجماعة فعلى ما قال مالك رحمه الله إلا أن يضطر أحد إلى الكلام فلا يسعه السكوت إذا طمع برد الباطل وصرف صاحبه عن مذهبه أو خشي ظلال عامة أو نحو هذا).(1)
والقول بأن السلف سكتوا عن الخوض في هذه المسائل وعدوا ذلك بدعة على الإطلاق غير صحيح ونورد أمثلة على ذلك:
* أورد ابن تيمية عن ابن حنبل (ويقول أحمد فيما كتبه في الرد على الزنادقة والجهمية أنها تأولت فيما شكت فيه من تشابه القرآن وتأويله غير تأويله ثم تكلم على معناها(2) وروى البيهقي فاستناده عنه.
الموقف التقويمي (النقدي): و الموقف الصحيح من هذا العلم ليس الرفض المطلق أو القبول المطلق بل الموقف النقدي القائم على محاولة وضع حلول صحيحة للمشاكل التي طرحها علم الكلام ، على أن تكون تلك الحلول محدودة بالقواعد اليقينية الورود القطعية الدلالة التي وضعها الله تعالى للمعرفة الإنسانية، ويؤكد هذا الموقف الحقيقي لابن تيمية وهو (جواز الإشغال بعلم الكلام لإحقاق الحق وإبطال الباطل وإذا لم بقصد به الاستدلال بالأدلة الفاسدة أو تبني المقررات الباطلة) يقول ابن تيمية “فالسلف والأئمة لم يكرهوا الكلام لمجرد ما فيه من الاصطلاحات المولدة كلفظ (الجوهر) و(العرض) و(الجسم) وغير ذلك بل لأن المعاني التي يعبرون عنها بهذه العبارات قد يكون فيها من الباطل المذموم في الأدلة والحكام ما نهى عنه لاشتمال هذه الألفاظ على معني مجملة في النفي والإثبات… فإن عرفت المعاني التي يقصدونها بأمثال هذه العبارات ووزنت بالكتاب والسنة بحيث يثبت الحق الذي أثبته الكتاب والسنة وينفي الباطل الذي نفاه الكتاب والسنة الانطلاق كل منهما فالغزالي استند إلى نظرية الكشف الصوفي وبالتالي اعتبر كل ذلك هو الحق). وبناء على الموقف في كثير من المسائل الكلامية مثل العلاقة بين الوجود والموجود والقدر والجبر والاختيار والقدم بالنوع – كان في الجزء الثالث من مجموعة فتاواه.
كما يمثل هذا الموقف الإمام الغزالي مع الاختلاف بينهما في نقطة علم الكلام لا يفيد المعرفة اليقينية والتي تحصل عليها بالكشف أو الإلهام لأنه استند إلى العقل.(ثم إني ابتدأت بعلم الكلام فحصلته وعقلته وطالعت كتب المحققين منهم وصنفت فيه ما أوردت أن أصنف فصادفته علماً وافياً بمقصوده غير وافٍ بمقصودي وإنما مقصوده حفظ عقيدة أهل السنة وحراستها عن تشويق أهل البدعة. ولكنهم اعتقدوا في ذلك على مقدمات تسلموها من خصومهم واضطرهم إلى تسليمها أما التقليد أو إجماع الأمة أو مجرد القبول من القرآن والأخبار وكان أكثر خصومهم في استخراج متناقضات الخصوم ومؤاخذتهم بلوازم مسلماتهم وهذا قليل النفع في جبن من لا يسلم سوى الضروريات شيئاً أصلاً، فلم يكن الكلام في حقي كافياً ولا لدائي كنت أشكوه شافياً).
واعتبر أن علم الكلام حلال مندوب أو واجب باعتبار منفعته ، وحرام باعتبار مضرته (أن فيه منفعة وفيه مضرة، فهو باعتباره منفعته في وقت الانتفاع حلال أو مندوب إليه أو واجب كما تقتضيه الحال، وهو باعتباره مضرته في وقت الاستضرار حرام).

0 التعليقات:

إرسال تعليق